كيف نُعِدُّ أطفالنا لرمضان؟
يجيء رمضان في كل عام بإذن الله بسطوع شمسه.. وهكذا أيضا يرحل.. منا من يستعد لاستقباله لينهل من فيضه ومنا من يتركه يتفلت منه في غفلة منه أو عن تغافل.. ولكن القلة من ينتبه إلى ضرورة إعداد أطفاله لاستقباله ويحرص على أن ينهلوا من ثمرات هذا الحدث الإيماني والتربوي العظيم.. وإليهم وإليكم تعالوا نعد العدة لرمضان القادم على الأبواب بإذن الله...
جلس الأبوسط أولاده على فراش النوم متهيئا ليحكي لهم كما يفعل كل يوم قصة ما قبل النوم، ولكنه لقرب هلول شهر الخير والبركة فضل أن يتحدث مع أبنائه عن شهر الصوم فنظر إليهم بحب وحنان متسائلا :
من منكم يحب رمضان ؟؟؟؟
وجائته إجاباتهم عفوية صادقة فمنهم من قال أنا أحب رمضان لأننا نأكل فيه ما لذ و طاب وآخر رد قائلا أنا أحبه لأننا نصوم فيه وثالث أجاب أنا أحبه لأننا نخرج فيه لأداء صلات التراويح والتهجد.
وعلت الأصوات بالغرفة وتوالت الإجابات حتى جاء الدور على الأب فقال أنا أحب رمضان لأسباب كثيرة جميلة أتدرون ماهى ؟؟؟؟؟
رمضان شهر حلاوة الإيمان ، شهر يستشعر فيه المسلم حلاوة الاستمساك بدين الله و بحبله المتين ، يتمسك بصلته بربه وبسمو وعلو إرادته الحرة أمام ما لذ وما طاب، أمام مغريات الحياة…صائما عن الشهوات طائعا لأمر ربه بالصيام مهما كانت المغريات فتقوى نفسه وتشتد عزيمته ويسيطر على زمام نفسه ويلجمها عن هواها يلزمها الطاعات ويذيقها طلاوة العبادة "وأخذ الأب يوضح لهم كل يوم فى نفس الموعد معاني رمضان الجميلة وعباداته المتميزة ونورانياته الفريدة من صوم وعبادة و صلاة و ترتيل وذكر و تكافل و إحساس بالآخرين و دعاء وابتهال و قرب من الله ونصر من عند الله وإبتعاد عن اللهو وصلة الرحم وإفطار الصائم .......
إعداد العدة لإستقبال الشهر العظيم
أراد الأب أن يستعد أبناؤه إستعداد جيد يليق بإ ستقبال الشهر الكريم وان يستفيدوا خير إستفادة منه وأن يربيهم على خلق شهر الطاعات فلابد أن يكون هذا الأمر هو الهم الأكبر و الشغل الشاغل لكل الآباء والأمهات ، فدروس العقيدة وتأديب الأطفال بفضائل هذا الشهر يجب ان نعودهم بشكل عملى على سلوكيات بسيطة تؤثر بشكل كبير في بناء وتشكيل وعيهم وخلقهم وليبقى رمضان دومًا فرصتنا وعطية الله لنا لتشكيل الوعي الديني لأبنائنا الصغار.
زينة رمضان.. وذاكرة الصغار
إن إستعداد الأطفال لقدوم شهر رمضان بإعداد بعض الزينة والملصقات التى تعبر عن قدومه والفرحة به وشعائره وطقوسه فالفرحة والبهجة بدخول الشهر من أهم أساليب الإعداد الجيد لما في الشهر من الإلتزام بالصوم والعبادات وهو فرصة عظيمة لإكتشاف وتنمية الطاقات والمهارات الإبداعية التي لا نُعيرها اهتمامًا عادة في خضم تكدس العملية التعليمية ووإنغماسنا فى مشاغل الحياة ودروبها وأخيرا تعويد الأطفال على الإعتماد على الذات فى صناعة بعض الأشياء البسيطة والتى تكبر مع التدريب والخبرة مستفيدين من أوقات الفراغ الكثيرة مثل الإجازة الصيفبة أو الإسبوعية ويجب ان تكون هنالك متابعة ومعاونة من الآباء ومن هذه الزينة عمل لوحات للمساجد وصور لكيفية تأدية العبادات أو صور لأسرة تستعد للإفطار أو صورة درس بالمسجد أو عمل مجسم لمسجد يعلق فى البيت او الشارع ويكون مضيئا
هل أعددتم زي رمضان ؟؟؟
نعم فمن الواجب إعداد زي الصلاة لبناتنا إستعدادا لإصطحابهن إلى صلاة التراويح والتهجد وتجهيز مايناسب الأطفال من ملبس وأحذية سهلة الإرتداء والخلع فى المساجد ويجب ان نراعى ان تكون الملابس مريحة وجمبلة وأنيقة وبسيطة جدا وهذه فرصة لكى نهدى إلى أحبتنا بعضا منها كهدايا رمضانية يتذكرونها دوما .
جداول البركة والخير ....
تقوم الأم بتعليق جداول للأعمال اليومية الواجب على أبنائها القيام بها وتعودهم على الإلتزام بها وتنفيذها بدقة وتعطى كل واحد منهم حرية مراقبة وتقييم نفسه وتسجيل ذلك بالجدول ومن يحرز درجات متقدمة يفوز بجائزة مميزة يوم العيد مثلا ومن هذه الجداول : جدول الصلاة والصوم وصلة الرحم وبر الوالدين والنوافل ومساعدة الآخرين وإفطار صائم وصلاة الجماعة وترتيب المنزل وهكذا ويفضل وضع الأب والأم مع أطفالهم فى نفس المسابقة ويعلق لهم جدول فى غرفتهم تشجيعا وترسيخا لمبدأ أن رمضان له أهمية متساوية عند الجميع .
هذا بالإضافة إلى تذكير الطفل دوماً بأن كل عمل من هذه الأعمال الخيرية التي يقوم بها مبتغيًا وجه الله تعالى، دونما رياء أو كِبر - له أجره المضاعف الذي يصل إلى 70 ضعفًا.
الاعتدال في الإنفاق (الرمضاني):
يتم لفت إنتباه الأطفال لفعل كثير من المسلمين يفعلونه وهو زيادة الإنفاق على الطعام فى هذا الشهر مقارنة بالشهور الأخرى مخالفين بذلك السنة المطهرة واوامر الحبيب المصطفى ومن هنا يوجه الأطفال إلى ضرورة الإقتصاد فى الإنفاق وتوجيه جزء من المصروف إلى الفقراء بعدة أشكال منها إفطار صائم سواء بالمنزل او بالطريق او بالمسجد منمين بذلك لديهم الشعور بالآخرين من فقراء المسلمين ومن منعتهم ظروفهم من الإفطار بمنزلهم فيرى بنفسه فرحة الفقير بما يُهدى إليه ويتعرف عمليا على القناعة والرضى ويشهدها بنفسه ، ويتعلم معنى شكر الله على نعمه، والإحساس بفضله وكرمه.
وليختلف رمضاننا هذا العام عن رمضان الذي قبله ....
إن الإعداد الجيد لشهر رمضان يجعل الطفل متأكدا ان رمضان هذا العام سيهل علينا مختلفا فى كل شيء فى الإستعداد النفسى والتربوى والجسدى و حتى فى شعورنا نحوإخواننا المحاصرين الجائعين فى فلسطين وكل بقاع الأرض
فهم إخواننا ولهم علينا حق الدعاء والنصرة ونذكرهم بأن مابيدهم من نعم كثيرة من طعام ومأوى وأمن حرم من كل ذلك إخوانهم في الأرض المحتلة.
اللهم ثبِّت أقدامهم وانصرهم نصرًا مؤزرًا مبينًا كما نصرت جندك وأولياءك يوم بدر".
فيأتي الدعاء بعد هذه التذكرة دعاء صافيًا نقيًّا صادقاً،
ألم يكن سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يسأل الأطفال الدعاء له علَّه يُستجاب ؟
وأخيرا
إننى أؤمن بأن الإسلام ليس فقط زينة وحلوى وعيدًا وهدايا، ولكن هوية وأسلوب حياة.